المرحل الجوي... مهندس تخطيط رحلة الطائرة ومتابعتها حتى وصولها بأمان إلى وجهتها


16  نوفمبر 2020
 
عند جدولة الطائرة للقيام برحلتها وقبل الاستعداد لإقلاعها للسفر وتوجهها إلى مطار الوصول فإن هناك فريق عمل يعمل خلف الكواليس ويبذل جهوداً علمية كبيرة ودقيقة ضمن منظومة عمل متكاملة تمثل العمليات التشغيلية في شركة الطيران من خلال توفير ودراسة وتحليل العديد من المعلومات والبيانات الملاحية ومعلومات الأرصاد الجوية وتحديد المسارات الجوية للطائرة وارتفاعاتها المبنية على الأجهزة الملاحية الأرضية أو الأقمار الصناعية.
 
هذه الإجراءات كنتائج تؤدي إلى كفاءة أداء تشغيل الطائرات وسلامة وانسيابية الحركة الجوية، وإدارة المجال الجوي بهدف سلامة الأجواء في الدول التي تستخدمها الطائرات وخلوها من حوادث الطيران.
 
ومن هذا الفريق يبرز "المرحل الجوي" الذي يقوم بدور محوري وأساسي وبمشاركة كاملة في المسؤولية مع قائد الطائرة أولاً في تخطيط رحلة الطيران التي سوف يقوم قائد الطائرة بتنفيذها، وثانياً في استمرار متابعة تحرك الطائرة لحظة بلحظة عبر طيرانها وفق خطط الطيران الموضوعة والمتفق عليها مع قائد الطائرة وحتى وصولها إلى الوجهة المطلوبة بأمان.
 
وتتمثل الوسائل المستخدمة من قبل المرحل الجوي في متابعة الطائرة أثناء الطيران من خلال مراقبة صرفية الوقود والمتبقي من كمية الوقود في الطائرة، والوقت المتبقي للرحلة، والارتفاعات المستخدمة، والمطارات البديلة المتوفرة للاستخدام من قبل الطائرة في حالات الضرورة القصوى عبر مجموعة برامج آلية متطورة ومتوفرة له في مركز مراقبة عمليات شركة الطيران، وكذلك العديد من وسائل الاتصال مع الطائرة مثل الهاتف عبر الأقمار الصناعية وأجهزة الراديو المتعدد الموجات والترددات الطويلة والقصيرة المعروفة باسم VHF و HF التي تؤمن الاتصالات بين المرحل الجوي وقائد الطائرة على مدار الساعة، فضلاً عن استقبال الرسائل الآلية من الطائرة مباشرة خلال فترة الطيران وتحليلها واتخاذ ما يلزم من إجراءات وذلك من لحظة الإقلاع وحتى لحظة وصول الطائرة إلى وجهتها.
 
ويعد دور المرحل الجوي من أكثر الأدوار أهمية في صناعة النقل الجوي وأحد الركائز الأساسية في تنظيم عمليات الطيران، ويتطلب مهارات عالية وتأهيلاً مكثفاً بدءاً بالدراسة النظرية في إحدى الأكاديميات المعتمدة لهذا التخصص من الهيئة وتجاوز العديد من الاختبارات التحريرية والشفوية والعملية في تلك الأكاديميات، ثم في مقار الهيئة وحتى حصول المتدرب على رخصة المرحل الجوي الصادرة والمعتمدة من الهيئة العامة للطيران المدني وأنه وفق ذلك أنه مجاز قانوناً لترحيل الطائرات.
 
ويلتحق بعد ذلك حامل رخصة المرحل الجوي بإحدى شركات الطيران التي تتمم تأهيله للعمل وفقاً لأنواع الطائرات المستخدمة لديها عبر عدة برامج تدريب خاصة بها ومعتمدة من الهيئة وبذلك يتم السماح له رسمياً بتولي مسؤولية القيادة الأرضية للرحلات الجوية كمرحل جوي مشاركاً بالمسؤولية الكاملة مع قائد الطائرة في جميع مراحل طيران الطائرة في الحالات الاعتيادية وغير الاعتيادية.
 
وتتعدد مهام ومسؤوليات المرحل الجوي خلال مرحلة التخطيط الأولي لرحلة الطائرة عبر دراسة كافة المعلومات الفنية للطائرة ومكوناتها وتخطيط مسارها وأوزانها المسموح بها والمطارات التي سوف تستخدمها وتجهيز المستندات اللازمة للرحلة كافة وتسليمها لقائد الطائرة قبل الإقلاع مع الشرح الوافي للخطة المعدة للرحلة حيث يقوم قائد الطائرة بمراجعتها ثم التوقيع مع المرحل الجوي على نموذج (إذن الترحيل الجوي) الدال على الموافقة على سلامة التخطيط والمشاركة في تحمل مسؤولية سلامة الرحلة.
 
وعن آلية عمل المرحل الجوي التفصيلية، فإنه يبدأ عمله بالتجهيز للرحلة من خلال دراسة وتقييم مجموعة من العناصر أهمها التأكد من كفاءة الطائرة التي ستقوم بالرحلة من الناحية الفنية، ودراسة تقارير حالة الطقس في مطار المغادرة ومطار الوصول والمطارات البديلة الموائمة لنوع الطائرة والواجب توافرها خلال الرحلة لحالات الطوارئ وخرائط حالات  الطقس والأحوال  الجوية في طبقات الجو العليا والمسارات الجوية التي ستسلكها الطائرة وعمل خطة طيران للرحلة مع مراعاة الفترة الزمنية للطيران التي تستغرقها الرحلة والارتفاعات التي ستستخدمها الطائرة، وحساب الحمولة الممكن نقلها على الطائرة، وكمية الوقود للرحلة والوقود الاحتياطي، إلى جانب طلب تصاريح عبور الأجواء والهبوط من الدول المستخدمة الأخرى حسب الاحتياج لذلك.
 
ووفقاً لنوع البرنامج الآلي المستخدم من قبل شركة الطيران وبعد دراسة جميع البيانات والمعلومات المستخدمة اللازمة لاتخاذ قرار التخطيط المناسب لكل رحلة ثم مراجعة نتائج التخطيط وفقاً لمتطلبات التشغيل القانونية ومتطلبات السلامة للطائرة والركاب،  يتم اتخاذ القرار المبدئي المشجع على تشغيل الرحلة ووضع جميع أوراق خطة الطيران ومستندات الرحلة في مظروف يسمى (مظروف الرحلة) ويتم تسليمه لقائد الطائرة، أما في حالة عدم موافقة المرحل الجوي على نتائج دراسة خطة الطيران، فيتم اتخاذ قراره أو بمشاركة قائد الطائرة على تأجيل أو إلغاء الرحلة وإعادة جدولتها في موعد آخر.
 
ومن مهام المرحل الجوي المستمرة خلال متابعة الرحلة، متابعة مستجدات المعلومات الملاحية وأحوال الطقس والمتغيرات التي قد تؤدي إلى إعادة التخطيط للرحلة خلال الطيران لتأمين استمرار توافر الجوانب القانونية ومتطلبات السلامة وفقاً لتلك المتغيرات مشاركة مع قائد الطائرة في كافة تلك المراحل ونتائجها التي قد تؤدي في بعض الحالات إلى تحويل مسار الطائرة والهبوط في أحد المطارات القريبة ضمن مسار الطائرة وعدم السماح بمواصلة الرحلة في حالة الاحتياج لتأمين متطلبات السلامة المستجدة الخاصة بالطائرة أو الركاب، أو في حالة حدوث عطل فني يستوجب مثل ذلك الإجراء .
 
ويستخدم المرحل الجوي مجموعة وسائل وبرامج للقيام بمتطلبات العمل مثل وسائل تأمين المعلومات الملاحية والأحوال الجوية، وأجهزة الطباعة للخرائط الملاحية وخرائط الطقس التي تعد من أهم العوامل التي يعتمد عليها في تخطيط الرحلات، كما يتعامل مع حزمة برامج مكتبية تساعد في إعداد التقارير، إضافة إلى أن جميع وسائل الاتصال المتاحة للمرحل الجوي مع الطائرة أو الجهات الأخرى داخل وخارج شركة الطيران تكون تحت متطلبات التسجيل المستمر المطلوب قانونياً حيث يتم اللجوء إليه في حالات المراجعة أو التحقيق إذا لزم الأمر.
 
ومن الجدير بالذكر، أن مستوى اللغة الإنجليزية المطلوب للحصول على رخصة المرحل الجوي ومن ثم التعامل به، يكون وفق مستويات تشغيلية معلنة ضمن تشريعات الهيئة وذلك بسبب متطلبات سلامة وصحة التخاطب والتفاهم مع قائدي الطائرات والمراقبين الجويين خصوصاً خلال مراحل الطيران، كما يجب على المتقدم للحصول على رخصة المرحل الجوي حصوله على رخصة طبية من المستوى الثالث كمتطلب أساسي لإصدار رخصة المرحل الجوي.
 
ولدى وصول الطائرة في رحلتها إلى مطار الوصول بأمان، يتم تبادل المعلومات بين قائدي الطائرة والمرحل الجوي للتعرف على العقبات التي صادفت الرحلة إن وجدت حتى يتم تفاديها في الرحلات القادمة.

صورة ذات علاقة